حكم تبادل أحاديث الحب والغزل بين الشباب والفتيات قبل عقد النكاح
حكم تبادل أحاديث الحب والغزل بين الشباب والفتيات قبل عقد النكاح
علمت أن هناك حديثًا بين بعض الشباب يتحيّلون فيه لعلاقات محرمة بالنساء الأجنبيات، يجيزون بتلك الحيل لأنفسهم الحديث مع الأجنبيات بالكلام الذي يميل القلوب من أحاديث الحب والغزل الموجه إليهن، ويتأولون لأنفسهم هذا الفعل على وجه استباحته ، بحجة أنه ليس عملا فاحشا ، ولا ورد نص بتحريمه .
ولا يلتفتون إلى قوله تعالى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} بحجة اختصاص حكم الآية بأمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) ؛ لأن الخطاب في أول الآية موجه إليهن . أو بحجة أن الخضوع بالقول المحرم هو الكلام الفاحش من نحو كلام المومسات .
والحقيقة أن ما يذهب إليه هؤلاء الشباب باطل ، واتباع منهم للهوى . وليس من العلم في شيء ، ولا هو من الفهم الصحيح لكتاب الله تعالى ، بل هو فهم باطل . فتحريم الخضوع بالقول بين الرجال والنساء الأجانب ليس خاصا بأمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) ، فهو حكم عام لجميع الأمة ، والخضوع بالقول لا ينحصر في الرفث من الكلام الصريح في الجماع ، بل لا يصح حمل الآية عليه قطعا .
والجواب على دعوى الخصوصية :
قوله تعالى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}، ليس من الأحكام الخاصة بأمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) .
أولا : لأن الأصل في الأحكام عدم الخصوصية ؛ إلا بدليل يدل على الخصوصية ، وهذا ما قطعت به نصوص الوحي.
ثانيا : مجرد توجيه الخطاب لهن لا يدل على التخصيص ، ما دامت علة الحكم متحققة في غير المخاطبين . ألا ترى قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فمع أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أولى من قُبل فيه دعوى الخصوصية ، ومع أن الآية جاءت خطابا له خاصة ، في قصة وقعت له ؛ إلا أن حكم منع النفس مما أحل الله بلفظ التحريم أو مع القسم على ذلك لا يقتصر منعه على النبي صلى الله عليه وسلم وحده ؛ لأن علة المنع مشتركة ، بل هي فيمن سوى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الموحى إليه علة أظهر وأبين ، ولذلك جاءت الآية التالية للآية السابقة منتقلة من الخطاب الخاص {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ}إلى الخطاب العام المتناول للأمة كلها :{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.
وأوضح منها قوله تعالى{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ}، فالآية رغم ابتدائها بنداء النبي (صلى الله عليه وسلم) نداءً صريحا ، إلا أنها مباشرة بعد النداء وجهت الخطاب لأمته : {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}.
هذا يبين لك أن مجرد بداية الآية بخطاب أمهات المؤمنين لا يكفي للاستدلال به على الخصوصية ، إذ إن بدء الآية بخطاب النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكف للقول بالتخصيص به (صلى الله عليه وسلم) ، وهو أولى بالتخصيص ممن سواه ، فكيف بمن عداه ؟!
كيف وفي الآية نفسها ما يدل على أنها ليست خاصة بأمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) :
أولا : أن علة المنع هي طمع الذي في قلبه مرض ، كما هو صريح الآية {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، ولذلك نُصب الفعل (يطمع) بـ(أن) مضمرة بعد فاء السببية ، ولذلك يعبر اللغويون عن ذلك بقولهم : نُصب الفعل لأنه جواب النهي {فَلَا تَخْضَعْنَ}. وبغير هذا التفصيل ، يدرك كل فاهم للغة العربية من الآية أن سبب النهي فيها : هو خشية طمع الذي في قلبه مرض .
وطمع الذي في قلبه مرض فيمن سوى أمهات المؤمنين أعظم ولا شك ، فهن سيدات التقيات ، وهن –مع بناته (صلى الله عليه وآله وسلم) - أمنع النساء بيتا وأعزهن شرفا وأكرمهن منزلة وأحماهن قدرا ! فإن خُشي عليهن من طمع الذي في قلبه مرض ، فكيف ستكون الخشية على من سواهن ؟! وكل من سوى الأزواج والذرية وهم آل بيته (صلى الله عليه وآله وسلم) دون آل بيته في ذلك مجتمعا .
فعلة المنع من الخضوع في القول في من كان دون أمهات المؤمنين أقوى من كل وجه في الداعي للمنع : وهو طمع من كان في قلبه مرض .
ثانيا : قوله تعالى {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} : بيانٌ أن عدم الخضوع في القول من لوازم التقوى الواجبة ، وليس من خصائص كونهن أمهات المؤمنين . والتقوى واجبة على كل مؤمن ومؤمنة ، وليست مما يؤمر به أمهات المؤمنين وحدهن .
هذا إن كانت عبارة {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} متعلقة بما بعدها ، وهو القول الأول والاحتمال الأول في فهم الآية .
والقول الثاني : وهو أبعد عن تخصيص الحكم بهن ، وهو أن قوله تعالى {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} متعلق بما قبلها : أي : لستن كأحد من النساء بشرط الاتقاء ، وفي تقدير آخر : لستن كأحد من النساء لما أنتن عليه من التقوى ، قال الطاهر ابن عاشور : «والتقييد بقوله: إن اتقيتن ليس لقصد الاحتراز عن ضد ذلك ، وإنما هو إلهاب وتحريض على الازدياد من التقوى ... (ثم قال) وفعل الشرط مستعمل في الدلالة على الدوام، أي إن دمتن على التقوى فإن نساء النبي صلى الله عليه وسلم متقيات من قبل» .
قال الواحدي في تفسيره : «وشرط عليهن التقوى في كونهن أفضل النساء بيانا أن فضلهن عند الله إنما يكون بالتقوى لا باتصال أنسابهن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كي لا يعتمدن على ذلك» .
وقال الفخر الرازي : «{إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} : يحتمل وجهين :
- أحدهما : أن يكون متعلقا بما قبله ، على معنى : لستن كأحد إن اتقيتن ؛ فإن الأكرم عند الله هو الأتقى .
- وثانيهما: أن يكون متعلقا بما بعده ، على معنى : إن اتقيتن فلا تخضعن» .
وعلى هذا القول يكون الكلام بعد {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} مستأنفا ، قال الطاهر ابن عاشور : «والأحسن أن يكون الوقف على {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} ، وقوله {فَلَا تَخْضَعْنَ} ابتداء تفريع ، وليس هو جواب الشرط» .
المعنى : إن تفضيلكن وتقواكن يلزمكن بأن لا تقعن في أمر يُطمِع مريض القلب فيكنّ .
وبذلك نعود إلى أن الآية لم تأت بحكم يخص أمهات المؤمنين ، بل جاءت بحكم من أحكام التقوى التي تجب على جميع المؤمنات من النساء .
وقيل في الآية قول ثالث ، لكنه أضعف الأقوال ، وهو رأي أبي حيان الأندلسي في (البحر المحيط) ، حيث فسّر{إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} بأنها : إن استقبلتن أحدًا وواجهتن شخصا فلا تخضعن بالقول . قال أبو حيان : «وعندي أنه محمول على أن معناه: إن استقبلتن أحدا، فلا تخضعن. واتقى بمعنى: استقبل معروف في اللغة، قال النابغة:
سقط النَّصيف ولم ترد إسقاطه *** فتناولته واتقتنا باليد
أي: استقبلتنا باليد، ويكون هذا المعنى أبلغ في مدحهن، إذ لم يعلق فضيلتهن على التقوى، ولا علق نهيهن عن الخضوع بها، إذ هن متقيات لله في أنفسهن، والتعليق يقتضي ظاهره أنهن لسن متحليات بالتقوى» .
قلت : كلامه ضعيف :
أولا : بيت النابغة يحتمل معنى التوقي باليد ، أي سترت وجهها بيدها بعد سقوط خمارها، وهو المعنى الذي عليه أكثر الشروح والفهوم للبيت ، ولم أجد من فهمه بمعنى : واستقبلتنا باليد .
وهذا المعنى لـ(اتقى) لم يجده الزَّبيدي –على توسعه- إلا عند أبي حيان ، فعزاه إليه فيما يستدركه على (القاموس المحيط) ، فقال تحت باب ما يُستدرك على القاموس في (وقي) : «واتّقاه: استقبل الشيءَ ، وتوقّاه ؛ وبه فسر أبو حيان قوله تعالى: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}» ، تاج العروس (40/ 237) . فأخشى أن لا يكون لهذا المعنى أصل في اللغة ، خاصة وأن شاهده عليه - وهو بيت النابغة –لا يدل عليه ، أو هو محل نزاع في الدلالة عليه –في أقل تقدير - ؛ لأنه يحتمل المعنى الأغلب للاتقاء وهو التستر باليد .
ثانيا : حتى لو صح لغة أن (اتقى) تأتي بمعنى استقبل ، فالأصل في حمل الألفاظ على أغلب معانيها ؛ إلا بصارف ، ولا صارف هنا .
وقد سبق في كلام الطاهر ابن عاشور ما يبين أن تفسير {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} بالتقوى ليس فيه إيهام بعدم اتصافهن بالتقوى ، وإنما هو بمعنى طلب للازدياد من التقوى ، أو هو تأكيد بأن فضيلتهن لم تأت من مجرد كونهن نساء النبي (صلى الله عليه وسلم) ، بل لتقواهن ، كما في كلام جماعة من المفسرين .
فقد يقول قائل –وقد قاله لي أحد السائلين - : ألا يمكن أن يكون سبب تخصيصهن بتحريم الخضوع بالقول لأنهن ممن لا يجوز لهن الزواج بأحد بعد وفات النبي (صلى الله عليه وسلم) ؟
والجواب : بينتُ أن الآية تدل على خلاف ذلك ، وأن علة المنع ليست الخصوصية ، وإنما لأن الخضوع يُطمع من في قلبه مرض ، وطمع من قلبه مرض علة تشمل كل امرأة تخضع في قولها ، بل هي في غير أمهات المؤمنين أظهر وأقوى. كما بينت أن عدم الخضوع من لوازم تقوى المؤمنات عموما ، مما يؤكد عدم الخصوصية أيضًا .
ثم .. معنى هذا الكلام القبيح : أنه لو كان أمهات المؤمنين غير مختصات بهذا الحكم ، ولو كان جائزا لهن الزواج بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) = لما حُرّم عليهن الخضوع بالقول!! وهذا قول في غاية القبح ، ولا يليق أن يقرره عاقل .
وإذا حرم الله تعالى مجرد التصريح بالخطبة للمعتدة من الوفاة عموما ، ولم يُجز إلا التعريض بالخطبة لها ، أي حرّم الله تعالى التصريح بالخطبة ، وهو ليس من كلام الغزل ولا العشق ، فكيف بحكم كلام الأجنبي مع ذات الزوج في الحب والغزل يقصدها به ؟! وهذا الحكم هو صريح قوله تعالى - بعد أن ذكر عدة المتوفى عنها زوجها -:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} .
ولذلك أجمع العلماء على حرمة خطبة ذات الزوج تصريحا وتعريضًا، وعلى هذا المذاهب الأربعة ، فانظر : موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي –أبواب النكاح –د/ ظافر العمري (3/ 107- 108) .
فإذا كان مجرد التعريض بخطبة المرأة ذات الزوج محرما ، فكيف سيكون حكم الخضوع بالقول منها لغير زوجها ؟! حرمة هذا لا يمكن أن يختص بأمهات المؤمنين ، بل هو يعم كل مسلمة قطعا ويقينا .
فإن قال قائل : فلعل الخضوع بالقول محرم على ذوات الأزواج ، دون من سواهن من العزباوات ؟
كان الجواب عليه : أن طمع من في قلبه مرض في العزباء أكبر من المحصنة بزواج ، فإن كان الخضوع بالقول يُطمع في ذات الزوج ، فهو في غير ذات الزوج أشد إطماعًا .
وبذلك يظهر أن الآية صريحة في تحريم الخضوع بالقول مطلقا بين كل امرأة ورجل أجنبي عنها ، وكل دعاوى التقييد والتخصيص التي اخترعها المتحيلون بأهوائهم لا تصح .
وأما الجواب على دعوى تفسير الخضوع بالرفث والكلام الفاحش من جنس كلام المومسات :
فهو وإن جاء في كلام قلة من المفسرين ، فهم لا يريدون به حصر الخضوع بالقول به ، ولو أرادوه لكانوا قد أجرموا في التفسير ، وحاشا كل علماء الأمة من ذلك!
إذ هل يصح أن يُواجه أمهات المؤمنين بأن يقال لهن : ولا تتحدثن بكلام المومسات ؟! أعوذ بالله من فهم في قبح هذا الفهم ، وأقل منه ! فمكانة أمهات المؤمنين أجل وأشرف وأعز من نحو ذلك .
بل لقد رأيتم كيف تحرج المفسرون من فهم عبارة {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} ، وكيف كانوا في غاية الأدب في توجيهها . فكيف بالقبح الذي يستجيزه أتباع الهوى ، ويردون تفسير كتاب الله تعالى به .
ثانيا : أعجب من هؤلاء المتبعين لأهوائهم كيف لا يرتضون تفسير المفسرين في عدم تخصيصهم حكم الآية بأمهات المؤمنين ، بحجة أنهم يجدون الآية بدأت بندائهن ، وهذا أباح لهم –عند أنفسهم –مخالفة المفسرين ، بادعاء خصوصية الآية بأمهات المؤمنين ، فجعلوا من أنفسهم أهلا للاجتهاد بمخالفة أهل التفسير والفقه والحديث من علماء الأمة ، ثم هم أنفسهم يتركون ظاهر الآية ، وتفسير عموم المفسرين لها ، ليتمسكوا بظواهر أقوال قليلة لقلة من المفسرين ، وفهموها على خلاف مراد أصحابها . فهؤلاء المتبعون لأهوائهم : مرة مجتهدون لا يقبلون كلام أهل التفسير والفقه من علماء الأمة تمسكا بما زعموه ظاهر القرآن ، وهم أنفسهم مرة أخرى ، بل في المرة نفسها وفي الموضع نفسه متمسكون بما قاله فلان من المفسرين ، ولو خالف ظاهر الآية !!
هذا هو اتباع الهوى بعينه .
وأما المقصود بالخضوع بالقول : فهو كل قول أو أسلوب حديث يكون مدعاة لانتقال العلاقة بين الرجل والمرأة إلى العلاقة الغريزية بين الذكر والأنثى ، أما الكلام الجاد والبعيد عن إخراج العلاقة عن العلاقة المحترمة كالتي بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة فليس ممنوعا؛ لأنه ليس خضوعا . ومن أوضح الخضوع بالقول –بعد الرفث والكلام الصريح في أمور الجماع –الغزل والكلام في الحب وما يميل القلب .
فالخضوع بالقول في اللغة : هو تليين الكلام أو الصوت ، ففي الكلام : كالتغزل وأحاديث الحب والعشق ، وفي الصوت : كتغنج المرأة المتعمد ودلالها المقصود الخارج عن حد عادة النساء في حديثيهن .
هذا هو ما عليه عموم أئمة اللغة في معاجم اللغة ، وهو ظاهر اللفظ (الخضوع) .
أما إذا استحضرنا أنه خطاب للمؤمنات ، وعلى رأسهن أمهات المؤمنين ، فسنقطع أن أدنى ما يمكن أن يُطمع مريض القلب فهو منهي عنه ، حتى مجرد الصوت الغنج الذي قد يكون من طبيعة بعض النساء (دون تعمد) ، فمثلها يجب عليها أن تحذر من مثله عند خطابها مع الرجال الأجانب قدر استطاعتها ؛ لأنه قد يُطمع مريض القلب أيضا .
طبعا ليس المقصود إغلاظَ القول ولا خروجَ المرأة عن طبيعة عامة النساء في الحديث ، وإنما المقصود : أن تكون المرأة على طبيعة عامة النساء في كلامهن الجاد عند كلامها مع الرجال الأجانب.
وبهذا تبين أن محاولة هؤلاء الشباب في الاحتيال على حكم الله تعالى محاولة فاشلة ، فالعلم لذلك الاحتيال بالمرصاد ، يفضح تلاعبهم ، ويضعهم أمام ضمائرهم في مواجهة ربهم عز وجل ، وهم يعصونه ، ولم يرضوا بمجرد العصيان حتى ضموا إليه تحريف أحكام الله تعالى ، وهو عمل أخطر من مجرد العصيان العملي !
أسأل الله تعالى لي ولهم زكاء نفس يُبصِّر بأحكامه وحلاله وحرامه ، ويعين على التزام شرعه ، وعدم تجاوز حدوده .
تاريخ النشر : 1440/06/03 هـ
طباعة المقالة